«وان كل ما في هذه الضيافة عبارة عن ترك. ترك الشهوات من قبيل الأكل والشرب والجوانب الأخرى التي تقتضيها شهوات الإنسان .. إن الله تعالى دعانا لدخول دار الضيافة هذه، وهي ضيافة ليس فيها غير الترك، ترك الأهواء، ترك الأنانية، ترك الأماني. هذا كل ما في هذه الضيافة ولا بد لنا من التأمل لنرى هل دخلنا حقاً دار الضيافة ام لم ندخلها أصلًا؟ هل سمحوا لنا بدخول دار الضيافة ام لم يسمحوا؟ هل استفدنا من هذه الضيافة الإلهية أم لم نستفد؟. طبعاً حساب أمثالي مع كرام الكاتبين، ولكن أقول لكم ايها السادة والى كل من يستمع إلى حديثي هذا، لا سيما الشاب، أقول لهم: هل ذهبتم إلى دار الضيافة هذه؟ هل استفدتم؟ هل غضضتم الطرف عن الشهوات، لا سيما الشهوات النفسية؟...إن كل هذه المفاسد التي تحصل في العالم هي لأنهم لم يدخلوا في هذه الضيافة، وإذا ما دخلوا فيها لم يستفيدوا منها. الخطاب عام للناس جميعاً. كلكم دعوتم إلى ضيافة الله. جميعكم ضيوف الله. وهذه الضيافة كلها ترك. فإذا كانت هناك ذرة واحدة من هوى النفس لدى الإنسان، لم يدخل الضيافة. وإذا دخلها لم يستفد منها .. إن كل هذا الصخب والتكالب على الدنيا سببه انهم لم يستفيدوا من هذه الضيافة. لم يلبوا دعوة الله.اسعوا لتلبية هذه الدعوة. وإذا ما سمح لكم بالدخول ووجدتم طريقكم إليها، سوف تحل كل المسائل. إن قضايانا لم تحل الآن لأننا لم ندخل في ضيافة الله، اننا لم ندخل في شهر رمضان المبارك أصلًا، وانما مجرد تركنا الأكل والشرب، وما كان ينبغي له أن يحصل لم يحصل. فإذا ما سمحت الأهواء النفسية فان فطرة الإنسان فطرة إلهية. الفطرة هي فطرة الله والجميع متجهون إلى الله. ولكن هذا التوجه إلى الدنيا، الذي هو توجه ثانوي واعوجاجي، يحول دون ما ينبغي أن يكون. فإذا رأيتم في الدنيا الحرب والجدال وكان بينكم لا سمح الله نموذج من ذلك، فاعلموا بأنكم لم تدخلوا هذه الضيافة، لم تدركوا شهر رمضان. لقد أقبل عليكم شهر رمضان إلا أنكم رفضتموه، تراجعتم عنه.»(صحيفة الامام الخميني، ج213، ص48-49)